آخر الأخبار

هل أصبح مؤتمر المناخ أداة للقمع السياسي؟ استغلال حقوق الإنسان تحت مظلة حماية البيئة

ما هي قمة المناخ التي عقدتها الأمم المتحدة ولماذا هي مهمة؟

 في الوقت الذي يُعقد فيه مؤتمر الأطراف للتغير المناخي (COP29) في أذربيجان، تتصاعد الاتهامات ضد البلد المضيف بقمع الناشطين البيئيين والمعارضين السياسيين، ما يثير تساؤلات حول مدى ملاءمة اختيار الدول المضيفة لمثل هذه الفعاليات العالمية.

حقوق الإنسان ومنصات التغيير البيئي باتت في مرمى الاتهامات، حيث يشير العديد من المراقبين إلى أن المؤتمر الذي يُفترض أن يكون منصة مفتوحة لتبادل الحلول بشأن أزمة المناخ، قد تحول في بعض الدول إلى ستار يُخفي انتهاكات حقوق الإنسان.

موجة قمع غير مسبوقة

منذ أن تم الإعلان عن استضافة أذربيجان لمؤتمر COP29 في نوفمبر الماضي، شهدت البلاد ارتفاعًا ملحوظًا في عدد الاعتقالات والقيود المفروضة على الحريات العامة. تشير تقارير منظمة العفو الدولية إلى أن الحكومة الأذربيجانية استغلت المؤتمر كذريعة لتعزيز قبضتها الأمنية والسياسية. وتفيد الإحصاءات بأن عدد السجناء السياسيين في البلاد، بمن فيهم الصحفيون والناشطون البيئيون، قد تجاوز 300 شخص، وهو أعلى مستوى منذ مطلع الألفية.

قضية إبادوغلو: رمز للصراع البيئي والسياسي

من بين الحالات التي تسلط الضوء على هذا القمع، قضية غباد إبادوغلو، الأستاذ في جامعة لندن للاقتصاد، والذي اعتُقل في صيف عام 2023 بتهمة "الاحتيال"، وهي تهمة وصفها مراقبون بأنها مشكوك فيها. يعمل إبادوغلو على قضايا النفط والغاز في أذربيجان، وأُجبر على الإقامة الجبرية وسط تدهور حالته الصحية. يقول إبادوغلو في تصريحات حديثة: "هذا النمط من الاعتقالات يهدف إلى إسكات الأصوات المؤثرة التي قد تُحرّك الرأي العام."

إغلاق المساحات المدنية في مواجهة التغير المناخي

أذربيجان ليست الدولة الوحيدة التي واجهت انتقادات بسبب قمع الحريات أثناء استضافتها لمؤتمر المناخ. فقد سبقتها الإمارات ومصر، اللتان تعرضتا لاتهامات مشابهة أثناء استضافتهما لـ COP27 وCOP28. تشير تسنيم عصوب، المديرة التنفيذية لشبكة العمل المناخي، إلى أن المشكلة الحقيقية تكمن في تقليص الدعم العالمي للمجتمع المدني: "لا يمكن أن نتقدم في أجندة المناخ دون حماية المجتمع المدني."

ماذا وراء الاختيار؟

يتطلب اختيار الدولة المضيفة للمؤتمر موافقة إقليمية، وهو ما يجعل استبعاد بعض الدول أمرًا معقدًا. ومع ذلك، يدعو ناشطون ومنظمات حقوقية إلى وضع معايير أكثر صرامة لاختيار الدول المضيفة. يرى الصحفي الأذربيجاني إمين حسينوف أن هذه المؤتمرات تُستخدم كأداة لتلميع صورة الأنظمة القمعية، قائلاً: "الرئيس علييف يرى في المؤتمر فرصة لغسل سمعته السيئة دوليًا ."

الدور المفقود للمجتمع الدولي

أثار صمت بعض الدول الغربية، خاصة المملكة المتحدة، استغرابًا مقارنة بمواقفها السابقة تجاه استضافة مصر لـ COP27. وعلى الرغم من اجتماع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر مع الرئيس الأذربيجاني خلال المؤتمر، لم يتم التطرق علنًا إلى انتهاكات حقوق الإنسان أو قضايا المعتقلين السياسيين.

الحلول الممكنة: نحو مستقبل أكثر عدالة

يرى بعض الناشطين أنه لا بد من إدراج بنود لحماية حقوق الإنسان في اتفاقيات استضافة المؤتمرات، مثل حظر استخدام برامج التجسس ضد المشاركين. في هذا السياق، يقول أندرياس سيبر، من منظمة 350.org: "لا يمكننا فصل قضايا المناخ عن حقوق الإنسان. المجتمع المدني هو المحرك الأساسي للضغط على الحكومات ."

 المناخ بين الأمل والتحديات

بينما يتفق قادة العالم في COP29 على ضرورة التحرك السريع لمواجهة تحديات المناخ، يبقى التساؤل قائماً: كيف يمكن ضمان عدالة اجتماعية وإنسانية في قلب هذا التحرك؟ لا شك أن حماية حقوق الإنسان ليست مجرد قضية جانبية، بل هي عنصر جوهري لتحقيق تقدم حقيقي ومستدام.

مؤتمر المناخ في أذربيجان يعكس تحديًا مزدوجًا: مواجهة أزمة المناخ وتعزيز الحريات الأساسية. وبينما تسلط الأحداث الضوء على الفجوة المتزايدة بين الطموحات البيئية والواقع السياسي، تظل الحاجة ملحّة لإصلاح نظام اختيار الدول المضيفة وضمان التزامها بمعايير حقوق الإنسان.

هل يمكن أن تكون COP30 بداية جديدة تُوازن بين المناخ وحقوق الإنسان؟ أم أن التاريخ سيعيد نفسه؟

 رؤية الغد تتابع الحدث


Post a Comment

أحدث أقدم