آخر الأخبار

هوبرت فيدرين يكشف: الكراهية للرموز المسيحية في القدس وغياب الدولة الفلسطينية.. أزمة متفاقمة تهدد المنطقة

الوزير القديم هوبير فيدرين
 في تطور لافت للنظر يعكس التوترات التاريخية والدينية المتأججة في القدس، أثارت تصريحات وزير الخارجية الفرنسي السابق هوبرت فيدرين حول اعتقال عدد من عناصر الدرك الفرنسي في القدس الشرقية، موجة من الجدل. في تعليق له على الحادثة، أشار فيدرين إلى ما يعتبره "كراهية متأصلة لدى الإسرائيليين تجاه بقايا الوجود المسيحي"، مما أثار اهتمام الأوساط السياسية والدينية على حد سواء، وفتح الباب أمام تساؤلات أوسع حول الوضع القائم وعلاقات القوة في المنطقة.

تاريخ الحادثة وخلفياتها

وقعت الحادثة عندما قامت السلطات الإسرائيلية باعتقال عدد من الدرك الفرنسي في القدس الشرقية، التي تعدّ وفقاً للأعراف الدولية جزءًا من الأراضي الفلسطينية المحتلة. ويأتي هذا الحادث في سياق متزايد من الضغوط على الوجود الدبلوماسي والديني الأجنبي في المدينة، لا سيما المرتبط بمؤسسات تنتمي إلى دول أوروبية.

أشار فيدرين إلى أن "العداء للرموز المسيحية" من قبل السلطات الإسرائيلية يمثل جزءًا من المشكلة المتفاقمة، غير أنه أوضح بأن القضية الأهم تبقى "غياب دولة فلسطينية"؛ حيث اعتبر فيدرين أن تجاهل حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته على أرضه هو العامل الأكثر صدمة. وأضاف أن استهداف الوجود المسيحي له أبعاد أوسع تشير إلى تناقضات سياسية ودينية عميقة في التعامل مع المكونات غير اليهودية للمدينة.

التوتر الديني وتداعياته في القدس

تعد القدس الشرقية منطقة حساسة سياسياً ودينياً، حيث تحتضن مواقع دينية مقدسة للمسلمين والمسيحيين واليهود، مما يجعلها نقطة تماس شديدة الحساسية. وفي السياق الحالي، يتزايد شعور بعض المراقبين الأوروبيين بأن السلطات الإسرائيلية تتبنى نهجاً يقيد المؤسسات المسيحية ويحد من دورها. ويرى فيدرين، الذي يعرف بمواقفه النقدية تجاه السياسات الإسرائيلية، أن هناك سياسة غير معلنة تهدف إلى تهميش الرموز والمؤسسات المسيحية في المدينة، بما في ذلك إضعاف تأثير الكنائس المسيحية التي لعبت دورًا تاريخيًا في القدس.

أضاف فيدرين أن الإجراءات الإسرائيلية المتزايدة ضد الحضور المسيحي قد تكون متجذرة في رغبة الدولة العبرية في تعزيز الطابع اليهودي للقدس. ويرى البعض أن سياسات التهويد، بما في ذلك الاعتقالات والمضايقات، تهدف إلى تحجيم الحضور المسيحي والإسلامي في المدينة، في محاولة لترسيخ الرواية الإسرائيلية حول سيادتها الحصرية.

مغزى غياب الدولة الفلسطينية: القضية المحورية

أعرب فيدرين عن قلقه العميق حيال غياب الدولة الفلسطينية، مؤكداً أن غياب حل سياسي عادل للفلسطينيين هو السبب الحقيقي للصراع المستمر. وأوضح أن التركيز على أبعاد مثل العلاقة المسيحية-الإسرائيلية أو الصراعات الطائفية قد يكون جزءًا من محاولات إبعاد الانتباه عن لب القضية، وهي حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة.

يرى فيدرين أن غياب الدولة الفلسطينية هو الذي يغذي التوترات، حيث تبقى القدس الشرقية في قلب هذا النزاع المحتدم. ويدعو فيدرين المجتمع الدولي، بما في ذلك الدول الأوروبية، إلى عدم تجاهل هذه المسألة الجوهرية والتركيز على إيجاد حل عادل وشامل يضمن حقوق الفلسطينيين ويحترم التنوع الديني والثقافي للقدس.

التوجهات الأوروبية والدور الفرنسي في القدس

تحاول فرنسا والعديد من الدول الأوروبية أن تلعب دورًا في تهدئة الأوضاع في القدس وحماية الوجود المسيحي والإسلامي من أي محاولات تضييق. ومع ذلك، تواجه فرنسا، وفقاً لفيدرين، تحديات سياسية ودبلوماسية في هذا المسار، حيث يجد الدبلوماسيون الفرنسيون أنفسهم في مواجهة سياسات إسرائيلية متشددة تجعل من الصعب عليهم العمل بحرية ضمن حدود المدينة.

وأشار فيدرين إلى أن الوضع يتطلب من فرنسا ودول أوروبا موقفًا أكثر وضوحاً وجرأة فيما يتعلق بدعم الحقوق الفلسطينية، بما في ذلك الحق في إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة. وأضاف أن التدخلات الدبلوماسية الحالية قد تكون غير كافية، نظراً لما يراه العديد من المحللين بأنه انحياز غير معلن من قبل بعض القوى الكبرى لصالح السياسات الإسرائيلية، مما يزيد من تعقيد القضية ويصعّب فرص الوصول إلى حل نهائي وعادل.

العلاقات المسيحية-الإسرائيلية: توترات قديمة ومستمرة

تاريخياً، شهدت العلاقات المسيحية-الإسرائيلية مراحل متقلبة تخللتها فترات من التعاون وأخرى من التوتر، حيث تراوحت المواقف بين الدعم الديني والتنافر السياسي. في هذا السياق، اعتبر فيدرين أن الحادث الأخير ما هو إلا تجلٍ واضح للتوترات العميقة التي تنبع من تعارض مصالح دينية وتاريخية في المدينة.

ورغم أن العلاقات بين إسرائيل وبعض الكنائس الغربية تبدو متعاونة في بعض الأحيان، إلا أن هناك مخاوف مستمرة من سياسات التهويد والتهميش. هذه السياسات، وفقًا لفيدرين، تمثل تهديدًا صريحًا للمواقع المقدسة المسيحية، التي تعاني من قيود متزايدة تفرضها السلطات الإسرائيلية على الأنشطة الدينية للمسيحيين، ما يعكس توجهات تسعى إلى تقليص الحضور المسيحي في القدس وفرض هيمنة يهودية.

ردود الفعل الدولية والدور المرتقب

أثار تصريح فيدرين ردود فعل واسعة في أوروبا والعالم العربي، حيث دعا بعض النشطاء إلى ضرورة اتخاذ موقف أكثر حزماً ضد سياسات إسرائيل تجاه الفلسطينيين والمسيحيين في القدس. ويعتبر العديد من المراقبين أن الحادثة الأخيرة، وما تلاها من تصريحات لفيدرين، تذكير للعالم بأن الصراع في القدس ليس فقط حول الأراضي والسياسة، بل هو أيضًا معركة حول الهوية والحقوق الدينية.

وبينما يواصل فيدرين التأكيد على خطورة الوضع في القدس، يطالب بأن يكون للاتحاد الأوروبي، ودول مثل فرنسا، دور أكبر في الضغط على إسرائيل للالتزام بالمواثيق الدولية التي تحمي حقوق الفلسطينيين وتضمن حرية العبادة للجميع. ويرى أن تجاهل هذا الوضع قد يؤدي إلى تأجيج الصراعات الدينية ويزيد من حدة التطرف، ما قد ينعكس على استقرار المنطقة بأكملها.

 القدس رمز للصراع الأعمق

يختتم فيدرين ملاحظاته حول الحادثة بالتأكيد على أن القدس ليست مجرد مدينة عادية، بل رمز لصراع أعمق حول الهوية والسيادة. فبينما تستمر إسرائيل في سياساتها الرامية إلى فرض السيطرة، يبقى الفلسطينيون، سواء أكانوا مسلمين أم مسيحيين، في موقف صعب يهدد حقوقهم الأساسية.

ويرى فيدرين أن الحل يكمن في إيجاد تسوية شاملة تعترف بحقوق الفلسطينيين، وتحترم التنوع الديني في القدس، وتحافظ على الرموز المسيحية والإسلامية جنبًا إلى جنب مع المواقع اليهودية.

رؤية الغد تتابع الحدث


Post a Comment

أحدث أقدم