آخر الأخبار

هل يمكن أن تكون النباتات الطبية الحل الأمثل لعلاج ارتفاع الكوليسترول؟

دراسة إثنونباتية للنباتات الطبية ذات التأثير الخافض للكوليسترول في منطقة بني ملال خنيفرة بالمغرب

في عالم يزداد فيه الاعتماد على الأدوية الكيميائية لعلاج الأمراض المزمنة، تتجه الأنظار نحو الطبيعة كمصدر غني للحلول الصحية البديلة. في منطقة بني ملال-خنيفرة بالمغرب، تتمتع النباتات الطبية بمكانة خاصة في التراث الشعبي، حيث تُستخدم لعلاج العديد من الأمراض، بما في ذلك ارتفاع الكوليسترول. لكن السؤال الذي يطرح نفسه: ما مدى فعالية هذه النباتات؟ وهل يمكن أن تشكل بديلاً آمنًا وفعالًا للأدوية الكيميائية؟

ارتفاع الكوليسترول: الخطر الصامت

يُعرف ارتفاع الكوليسترول بكونه أحد أبرز عوامل الخطر المرتبطة بأمراض القلب والأوعية الدموية. تحدث هذه الحالة نتيجة تراكم الكوليسترول الضار (LDL) في الأوعية الدموية، مما يؤدي إلى تضييقها وزيادة خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية.

على الرغم من وجود أدوية فعالة لخفض مستويات الكوليسترول، مثل الستاتينات  (statines) ، إلا أن استخدامها يرتبط بآثار جانبية تشمل آلام العضلات واضطرابات الجهاز الهضمي وزيادة خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني. دفع ذلك الكثيرين للبحث عن بدائل طبيعية، مثل النباتات الطبية، التي تحمل وعودًا بفعالية مماثلة ولكن بأضرار أقل.

دراسة رائدة في بني ملال-خنيفرة

في محاولة لفهم استخدام النباتات الطبية في علاج ارتفاع الكوليسترول، أجرى فريق بحثي من جامعة السلطان مولاي سليمان، بقيادة الباحثين وليد الرحماني و دة.إلهام زهير، دراسة إثنوبوتانية شاملة في منطقة بني ملال-خنيفرة. تُعد هذه الدراسة الأولى من نوعها في المنطقة، وتهدف إلى توثيق النباتات المستخدمة محليًا لعلاج ارتفاع الكوليسترول، وتحليل مدى وعي السكان بآثارها الجانبية.

منهجية الدراسة

اعتمدت الدراسة على مقابلات مباشرة مع 239 مشاركًا، بينهم عشّابون ومستهلكون محليون. تضمنت الاستبيانات جمع معلومات عن الأنواع النباتية المستخدمة، أجزاء النباتات الأكثر شيوعًا، طرق التحضير، ومدى وعي السكان بالآثار الجانبية لهذه النباتات.

نتائج مذهلة

أسفرت الدراسة عن توثيق 92 نوعًا من النباتات الطبية تنتمي إلى 37 عائلة نباتية. تميزت بعض العائلات مثل البقوليات (10 أنواع)، الشفويات (8 أنواع)، والنجمية (8 أنواع). كما تضمنت الدراسة نباتات جديدة لم يُذكر استخدامها مسبقًا لعلاج الكوليسترول، مثل:

  • Tilia vulgaris (الزيزفون)
  • Anemone coronaria (شقائق النعمان)
  • Iris sp. (السوسن)

أجزاء النباتات وطرق استخدامها

وفقًا للدراسة، تُعتبر الأوراق الجزء الأكثر استخدامًا من النباتات الطبية (PPV = 0.217)، يليها الجذور والبذور. يعود ذلك إلى تركيز المركبات النشطة بيولوجيًا في الأوراق.

أما طرق التحضير، فتشمل النقع، الغلي، أو الطحن لتحضير شاي عشبي أو مسحوق يُضاف إلى الطعام. تعكس هذه الطرق ارتباطًا وثيقًا بين المعرفة المحلية والعادات الصحية اليومية.

أهمية النباتات الطبية في خفض الكوليسترول

تحمل النباتات الطبية مركبات نشطة بيولوجيًا، مثل الفلافونويدات (flavonoids) و البوليفينولات (polyphenols)، التي أثبتت فعاليتها في:

  • خفض امتصاص الدهون: بعض النباتات تعيق امتصاص الدهون في الأمعاء، مما يقلل من مستويات الكوليسترول.
  • تحسين استقلاب الدهون: تساعد المركبات النشطة على تحسين التمثيل الغذائي للدهون في الجسم.
  • تقليل الالتهابات: الالتهابات عامل رئيسي في تفاقم أمراض القلب، وتعمل النباتات الطبية على تخفيفها بفعالية.

مقارنة بالأدوية الكيميائية

بينما تستهدف الأدوية الكيميائية مسارات محددة في الجسم، تقدم النباتات الطبية تأثيرًا شاملاً بفضل احتوائها على مزيج من المركبات التي تعمل بتناغم.

فجوة معرفية في استخدام النباتات

على الرغم من الاستخدام الواسع للنباتات الطبية، أظهرت الدراسة نقصًا كبيرًا في الوعي بالآثار الجانبية المحتملة. حوالي 78.26% من المشاركين لم يكونوا على دراية بمخاطر النباتات السامة أو بجرعاتها المناسبة.

تحديات البحث في النباتات الطبية

تواجه دراسة النباتات الطبية تحديات عديدة، أبرزها:

  • نقص الأبحاث العلمية: الحاجة إلى دراسات كيميائية وفيزيولوجية لتحديد المركبات النشطة.
  • فقدان المعارف التقليدية: مع التحديث والتغيرات الاجتماعية، قد تُفقد المعارف الشعبية إذا لم يتم توثيقها.
  • تهديدات التنوع البيولوجي: التغيرات المناخية والاستغلال الجائر يشكلان خطرًا على الموارد النباتية.

آفاق مستقبلية

لتعظيم الاستفادة من النباتات الطبية، يجب تعزيز البحث العلمي لتحديد المركبات الفعّالة وآلية عملها، وتوعية المجتمعات المحلية بالاستخدام الآمن.

التعاون بين العلوم التقليدية والحديثة

يمكن أن يُسهم التعاون بين العلماء والمجتمعات المحلية في توثيق المزيد من النباتات وضمان استخدامها بشكل مستدام وآمن.

 إمكانيات واعدة ومستقبل مشرق

النباتات الطبية ليست مجرد بديل طبيعي؛ إنها كنز حقيقي يمكن أن يسهم في حل مشكلات صحية معقدة مثل ارتفاع الكوليسترول. أظهرت الدراسة إمكانية استخدام النباتات الطبية في تطوير علاجات طبيعية وآمنة، مع الحاجة إلى مزيد من البحث والتطوير لضمان فعاليتها وأمان استخدامها.

قد تكون النباتات الطبية الطريق نحو نظام صحي أكثر تكاملاً واستدامة، ولكن ذلك يتطلب التزامًا بالبحث العلمي والتثقيف لضمان تحقيق إمكاناتها الكاملة.

رؤية الغد تتابع الحدث




 

3 تعليقات

  1. نحن بدورنا نشكركم على نشر هذا الموضوع الذي سيعود بالنفع على القارئ

    ردحذف
  2. نحن في حاجة ماسة لمثل هاته البحوث العلمية المفيدة من خيرة شبابنا الباحثين نتمنى لكم التوفيق والنجاح في سائر حياتكم المهنية و الله ولي التوفيق

    ردحذف
  3. كل الفخر بهكذا ابحاث تهانينا للاستاذة والدكتورة الهام و الطالب وليد الرحماني على نشرهم لهذا البحث العلمي المتميز وايضا الشكر موصول لموقع رؤية الغذ لمساهمته في تقريب هاته البحوث العلمية والمقالات لكافة الناس فكما نعلم ان البحوث تنجز بالانجليزية وبلغة علمية شيئا ما صعبة على العموم ولكن بفضل مقالكم هذا التفصيلي و المفيد وباللغة العربية ستساهمون في تقريب وتبسيط هكذا بحوث علمية مهمة لاكبر عدد من الناس
    كل الشكر والتوفيق 👏👏👏

    ردحذف

إرسال تعليق

أحدث أقدم