آخر الأخبار

تصاعد جديد في سوريا: هل يقترب نظام الأسد من نقطة اللاعودة؟

الحرب في سوريا: الصراع يتصاعد مع تصاعد التوتر بين روسيا وإيران

 في خضم أزمة ممتدة منذ أكثر من عقد من الزمان، يبدو أن سوريا تعيش لحظة فارقة قد تعيد رسم ملامح الصراع بشكل كامل. في الوقت الذي تواجه فيه القوات الموالية لنظام بشار الأسد انتكاسات عسكرية خطيرة في الشمال، تتعالى الدعوات الدولية لوقف التصعيد وحماية المدنيين. فهل بات النظام السوري أقرب من أي وقت مضى إلى فقدان قبضته؟ أم أن الدعم الروسي والإيراني قادر على إعادة التوازن لصالحه؟

تصعيد جديد يهدد الاستقرار الهش

على مدى الأسابيع الماضية، شهد شمال سوريا تصعيدًا غير مسبوق بقيادة تحالف الفصائل المتمردة "هيئة تحرير الشام" (HTS). تمكن التحالف من تحقيق اختراقات عسكرية كبيرة، أبرزها السيطرة على مدينة حلب خلال عطلة نهاية الأسبوع. هذا التطور الاستراتيجي دفع بنظام الأسد إلى الإعلان عن هجوم مضاد لاستعادة السيطرة.

بالتوازي مع هذا التصعيد، أصدرت ألمانيا وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة بيانًا مشتركًا يدعو جميع الأطراف إلى وقف التصعيد، مشددين على ضرورة حماية المدنيين والبنية التحتية، وتجنب المزيد من التشريد والعوائق الإنسانية. البيان أكد أهمية العودة إلى طاولة المفاوضات تحت رعاية الأمم المتحدة، بما يتماشى مع القرار الأممي رقم 2254 الذي يدعو إلى حل سياسي شامل بقيادة سورية.

النظام السوري: بين الاستقرار الظاهري والتحديات المتزايدة

طوال الأعوام الماضية، نجح بشار الأسد في استعادة حوالي ثلثي الأراضي السورية بمساعدة حلفائه، لا سيما روسيا وإيران. ولكن الانتصارات التي حققها النظام جاءت بتكلفة بشرية ومادية باهظة، تاركة وراءها نظامًا منهكًا يعاني من تحديات داخلية وخارجية.

الآن، يبدو أن الأسد يواجه تهديدًا جديدًا غير مسبوق. ففي حين كان يبدو أن الصراع قد دخل في حالة من الجمود، جاءت التطورات الأخيرة لتكسر هذا الجمود وتضع النظام أمام تحديات وجودية. فهل يستطيع الأسد تجاوز هذه الأزمة كما فعل في الماضي؟ أم أن هذه المرة ستؤول الأمور لصالح المعارضة؟

دور روسيا: دعم لا يتزعزع ولكن بثمن

منذ تدخلها في النزاع السوري عام 2015، لعبت روسيا دورًا محوريًا في دعم نظام الأسد. ولكن التدخل الأخير للقوات الجوية الروسية في حلب، بعد توقف دام سبع سنوات، يشير إلى أن موسكو ترى في التصعيد الأخير تهديدًا لمصالحها الاستراتيجية في المنطقة.

الضربات الجوية الروسية لم تقتصر على حلب بل امتدت إلى مواقع أخرى في شمال غرب سوريا، مستهدفة المتمردين لتعزيز موقف النظام. ومع ذلك، فإن قدرة روسيا على تقديم دعم شامل قد تتأثر بتحدياتها الداخلية، خاصة في ظل الحرب الأوكرانية والعقوبات الغربية.

المعارضة المسلحة: فرصة أم فخ؟

بالرغم من الانتصارات العسكرية الأخيرة التي حققتها هيئة تحرير الشام، فإن مستقبل المعارضة يعتمد على مدى قدرتها على الحفاظ على وحدتها وتجنب الانجرار إلى نزاعات داخلية. فالتحديات التي تواجهها المعارضة لا تقتصر على المواجهات مع النظام فحسب، بل تمتد إلى التوترات المحتملة مع القوات الكردية في الشمال الشرقي.

إذا نجحت الهيئة في تحويل نجاحاتها العسكرية إلى مكاسب سياسية، فقد تشكل تحديًا جديًا للنظام. ولكن إذا غرقت في صراعات توزيع النفوذ أو فقدت دعم الحاضنة الشعبية، فقد تتحول الانتصارات إلى خسائر فادحة.

الدعوات الدولية: هل تجد آذانًا صاغية؟

تصاعد التوترات في سوريا أثار قلق المجتمع الدولي الذي يخشى من موجة جديدة من العنف والدمار. البيان المشترك الصادر عن القوى الغربية يعكس إدراكًا متزايدًا للحاجة إلى إيجاد حل سياسي ينهي دوامة الصراع.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل يمتلك المجتمع الدولي الأدوات الكافية للضغط على الأطراف المتنازعة؟ وهل يمكن للقرار الأممي 2254 أن يكون مفتاح الحل، أم أن المصالح المتضاربة للأطراف الدولية والإقليمية ستظل عقبة أمام تحقيق السلام؟

المدنيون: الضحية الأكبر للصراع

وسط هذا التصعيد، يبقى المدنيون هم الضحية الأكبر. التقارير القادمة من حلب وغيرها من المناطق المتأثرة تشير إلى موجات جديدة من النزوح، معاناة إنسانية متفاقمة، وتدمير للبنية التحتية.

المساعدات الإنسانية تواجه صعوبات كبيرة في الوصول إلى المناطق المتضررة، مما يضع ملايين السوريين أمام خطر الجوع والمرض. ومع استمرار التصعيد، يبدو أن الأفق لا يحمل الكثير من الأمل لأولئك الذين تحملوا وطأة الحرب على مدى السنوات الماضية.

هل من مخرج؟

في ظل هذا التصعيد الدراماتيكي، يبدو أن سوريا تقف على مفترق طرق. التصعيد العسكري قد يؤدي إلى تغييرات جذرية في موازين القوى، ولكن الحل الحقيقي للصراع لن يأتي من ساحات القتال.

على الأطراف السورية والدولية إدراك أن استمرار العنف لن يؤدي إلا إلى مزيد من الدمار والمعاناة. الطريق الوحيد للخروج من هذا النفق المظلم يكمن في التوصل إلى تسوية سياسية شاملة تلبي تطلعات الشعب السوري وتضمن الاستقرار الإقليمي.

فهل ستشهد سوريا نهاية للصراع؟ أم أن الحرب ستستمر في تدمير ما تبقى من هذا البلد الذي كان يومًا رمزًا للحضارة؟

رؤية الغد تتابع الحدث


Post a Comment

أحدث أقدم